كنتُ أسير على شوارع الحياة الوعرة ، تائهة ً في عمق أفكاري ،
فجأة ً! لمحتُ طيفاً مرق من أمامي بسرعةٍ خاطفة ، فزعتُ منه ،
سمعتُ صوتاً متحشرجاً متقطعاً يفيض أنيناً و ألماً ، استدرتُ
فرأيت الطيف خلفي وهو متجسدٌ على هيئة طفلٍ في العاشرة من عمره ،
تملأ الدموع عينيه ، وتستغيث شفتيه من الحزن المنقوش عليها ،
عرفت ُ أن هذا الطيف هو جزءٌ منكِ يا فلسطين..
تلاشت زقزقة العصافير ، و قـُطِعت أشجار الزيتون ،
والتحفت الشمس بغطاء الظلام و الحزن..
فلسطين!! دنّسوا صفاء سمائك بغيومٍ مظلمةٍ تمطر دموعاً مالحة ،
صنعوا سيمفونية عزف الرصاص و القنابل التي تتراقص
على ألحانها جثث الأطفال والأرامل..
فلسطين!! تجرعت تربتكِ الدماء حتى تشبّعت و اصطبغت
بالأسى والمرارة..
فلسطين!! حرّقوكِ بأسياخ الظلم والعدوان ، قتلوا فيكِ الحياة ،
الأشجار ، والأزهار ، و ضحكات الأطفال ، و سعال الشيوخ
و تسبيحهم ، و ابتسامة الأمهات الحانية ، واحتلتكِ كلاب الأرض
بوحشية ٍ وهمجية ٍ شنيعة ؛ لتدنس طهارة أراضيكِ بقذارتها..
فلسطين ما بال العرب ينظرون إليكِ و أنتِ تصارعين
كلاب الأرض بمفردك؟؟
ما بال العرب؟؟
أهم مدركون؟؟
أم لا يفهمون؟؟
أم هم خائفون؟؟!!
ما الذي يحدث؟؟
لست أدري!!
فلسطين لم أعد أستطيع سماع صوتك!!
هل انبحّ من شدة الصراخ؟!!
أجيبيني ، و اعذريني ، وسامحيني لأنه لم يعد لدينا صلاح الدين ،
رحل صلاح وتركنا!!
أسمع خرير نهرٍ جارٍ من الدماء يحمل في أحضانه جثثاً صغيرة ،
و صرخاتٍ ، و آهات..
هاكِ قلبي و روحي فهما كل ما أملك..
أفديكِ بروحي ، بأنفاسي ، بدمائي ، بكل قطرة دمٍ سرت في جسدي..
ستظلين شامخة ً أيتها الصامدة..
صامدة ً مدى الحياة!!
العزة لباسكِ ، والكرامة وشاحكِ..
سيخرج جميع الكلاب ،ستعودين لنا ، أعدكِ بذلك..
أعدكِ..